المذكرة التفسيرية لتعديلات
دستور مملكة البحرين الصادرة سنة 2012
مقدمة:
نص الدستور في الفقرة (أ) من المادة (35) على حق الملك في اقتراح تعديل الدستور، كما أعطى هذا الحق لخمسة عشر عضواً من مجلس الشورى أو من مجلس النواب، على أن يتضمن اقتراح التعديل تحديد المواد المطلوب حذفها أو إضافتها أو تغيير أحكامها مع بيان المبررات الداعية لذلك. ويشترط لإقرار التعديل موافقة ثلثي أعضاء كل من مجلسي الشورى والنواب وتصديق الملك الذي يعتبر تصديقاً حاسماً وشرطاً لازماً لإقراره لا يستطيع المجلس الوطني تجاوزه. ولقد حظر البند (ج) من المادة (120) اقتراح تعديل المادة الثانية من الدستور والنظام الملكي ومبدأ الحكم الوراثي ونظام المجلسين ومبادئ الحرية والمساواة المقررة في الدستور.
ونتيجة للتطورات السياسية التي مرت بها الدولة في هذه المرحلة، وأمام الرغبة الملكية في تحقيق تقدمها ورقيها وتطوير نظامها السياسي بما يحقق لها مزيداً من الديمقراطية السليمة التي تتفق مع الأسس الديمقراطية التي يتجه إليها العالم في الوقت الحاضر، فقد تمت الدعوة لحوار للتوافق الوطني لدراسة التطورات التي يمر بها المجتمع واقتراح المبادئ العامة التي تسجل أصول تطوره من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
ولقد أسفر حوار التوافق الوطني عن المرئيات التي يراها لتحقيق أهدافه، واحتلت قضية الإصلاح الدستوري أولوية متقدمة في هذه المرئيات التي طرحت لتعديل الدستور، انطلاقاً من الدستور القائم الذي يضع إطاراً واضحاً لنظام سياسي يقوم على الفصل بين السلطات، ويكفل حرية الاعتقاد والتعبير والانتخاب، ويرعى في عناية كبيرة حقوق الإنسان، ويقوم على تعدد الجمعيات السياسية والحق في تكوين النقابات والجمعيات، وضمان حرية الصحافة والإعلام. وذلك كله في إطار ما ورد في ميثاق العمل الوطني من مبادئ ملزمة تتضمن عدداً من الثوابت الوطنية التي لا يجوز المساس بها أو تعديلها، بحيث يقتصر التعديل على غير هذه الثوابت سواء تعلقت بالسلطة التنفيذية أو السلطة التشريعية دون مخالفة أو خروج على ما قرره الميثاق من ضوابط واضحة.
وتخلص الثوابت الوطنية التي أكد عليها الميثاق في: تأكيد الصفة العقدية التي وضع بها الدستور بحيث لا يجوز تعديله إلا بإرادة مشتركة من الشعب والملك وهو ما يعطي الحق للملك والسلطة التشريعية في اقتراح إجراء التعديلات اللازمة وفقا للإجراءات التي نص عليها الدستور. وأيضا في الأخذ بنظام المجلسين النيابيين بحيث لا يجوز أن يتضمن التعديل الأخذ بنظام المجلس الواحد، وإن جاز له – بما لا يتضمن خروجاً أو مخالفة للضوابط الواضحة التي تضمنها الميثاق – إعادة النظر في صلاحيات مجلس النواب وإمكان زيادة اختصاصاته الرقابية، وإعادة تنظيم العلاقة بين السلطة التشريعية بمجلسيها والسلطة التنفيذية بما يحقق مزيداً من التوازن بينهما ويعظم دور مجلس النواب في الرقابة والمساءلة، والأخذ بمزيد من المظاهر البرلمانية التي سبق أن دعمها الدستور القائم إلى جوار المظاهر الرئاسية التي نص عليها.
وتعرض هذه المذكرة التفسيرية الأهداف التي قامت عليها التعديلات الدستورية، والمواد التي تم تعديلها لتحقيق هذه الأهداف. ويعتبر ما ورد في هذه المذكرة من أهداف وإيضاحات للمواد المعدلة معدلاً لما ورد في المذكرة التفسيرية للدستور القائم.
الفرع الأول
الأهداف التي قامت عليها التعديلات الدستورية
أمام الرغبة الملكية في تحقيق تقدم ورقي مملكة البحرين وتطوير نظامها السياسي بما يحقق مزيداً من الديمقراطية وفي إطار ما انتهى إليه حوار التوافق الوطني، فلقد طلب الملك وفقا لأحكام المادة (35/أ) إجراء تعديل على الدستور القائم. وتمثلت الأهداف التي قامت عليها هذه التعديلات فيما يلي:
أولاً: زيادة مظاهر النظام البرلماني في نظام الحكم:
وفقا لما ورد في الدستور القائم ومذكرته التفسيرية وما يتفق مع المبادئ التي تضمنها الميثاق فإن النظام الذي تأخذ به مملكة البحرين نظام مختلط يقف وسطاً بين النظامين البرلماني والرئاسي، ترتكز المشروعية فيه على الإرادة السياسية التي يتم التعبير عنها بالاقتراع العام من خلال الانتخابات البرلمانية والاستفتاءات التي يلجأ إليها الملك في القوانين والقضايا الهامة التي تتصل بمصالح البلاد العليا، وأن التعديلات الدستورية لا تهدف إلى الأخذ بنظام برلماني مطلق، وإنما إلى الأخذ بمزيد من المظاهر البرلمانية، وذلك في إطار ما ورد في الميثاق تحت عنوان نظام الحكم من أن "... (الملك) هو رأس الدولة، وذاته مصونة لا تمس، وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو رمز استقلال البلاد، والركيزة الأساسية التي يرتكز عليها نظام الحكم في دولة البحرين. ويباشر (الملك) سلطاته بواسطة وزرائه، والوزراء مسئولون أمام (الملك) وهو الذي يعين رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ويعفيهم من مناصبهم، وفقاً لسلطاته المبينة في الدستور".
وفي هذا الإطار الذي ورد في الميثاق، فإن الدستور القائم قد جعل للملك مكانة هامة، حيث أفرد له فصلا كاملا نص فيه على هذه المكانة، فهو الممثل الأسمى للدولة، ورمز الوحدة الوطنية، وحامي الدين والوطن، ويتولى حماية شرعية نظام الحكم، وسيادة الدستور والقانون، ورعاية حقوق وحريات الأفراد والهيئات، وهو رئيس السلطة التنفيذية يباشر اختصاصاته فيها إما بنفسه بصورة مباشرة عن طريق الأوامر الملكية أو بواسطة وزرائه عن طريق المراسيم.
ولقد حرصت هذه التعديلات التي تمت على الدستور القائم على الحفاظ على هذه المكانة التي قررها الميثاق للملك، وعززت في إطارها المظاهر البرلمانية لنظام الحكم.
ثانياً: إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق مزيداً من التوازن بينهما:
في إطار ما استقر عليه حوار التوافق الوطني، فقد حرصت التعديلات الدستورية على إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بما يحقق مزيداً من التوازن بينهما.
ولقد تضمنت التعديلات التي وردت على الدستور في هذا الشأن: إضافة ضمانات جديدة تطبق عند استخدام الملك لحقه في حل مجلس النواب وتعيين أعضاء مجلس الشورى، وتعزيز دور السلطة التشريعية في منح الثقة للحكومة التي يختارها الملك، وإضافة ضمانات جديدة لتحقيق مشاركة مجلس النواب مجتمعاً عند مناقشة الاستجوابات التي توجه إلى الوزراء، وتفعيل دور مجلس النواب في تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وتحديد فترة زمنية لإبداء الحكومة أسباب تعذر الأخذ بالرغبات التي يبديها مجلس النواب، ومنح مجلس النواب حق طلب المناقشة العامة، وتحديد مدة زمنية لإحالة مشروعات القوانين إلى المجلس الذي ورد منه الاقتراح، ووضع قواعد خاصة لإعداد الميزانية من المجلسين بما يمكن من العمل بالميزانية الجديدة في بداية السنة المالية وبما لا يسمح بإصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين.
ثالثاً: إعادة تنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب بما يعطي دوراً أكبر لمجلس النواب، ويحقق الاختيار الأمثل لأعضائهما:
حرصت التعديلات التي أجريت على الدستور لتحقيق هذا الهدف على إعادة تنظيم مجلسي الشورى والنواب بما يؤدي إلى انفراد مجلس النواب بالرقابة على السلطة التنفيذية، ويعطي لرئيس مجلس النواب رئاسة المجلس الوطني وإحالة مشروعات القوانين التي تمت الموافقة عليها من المجلسين إلى الحكومة لاتخاذ إجراءات إصدارها، ويحقق الاختيار الأمثل لأعضاء كل من مجلسي الشورى والنواب.
ويعتبر نظام المجلسين من أهم الثوابت التي أقرها الميثاق بحيث لا يجوز للدستور إعادة النظر فيها وإعادة نظام المجلس الواحد، وإلا كان ذلك مخالفا لصريح ما ورد في الفصل الخامس من الميثاق الخاص بالحياة النيابية. وإذا كان الميثاق قد نص صراحة على ضرورة الأخذ بنظام المجلسين على نحو يكون متلائماً مع التطورات الديمقراطية والدستورية في العالم، وجاء تنظيم الدستور القائم لهذين المجلسين متوافقاً مع هذه التطورات التي كانت سائدة وقت وضعه، فإن ذلك لا يمنع من إعادة النظر فيما وضعه الدستور من تنظيم لهذين المجلسين بما يتفق مع ما طرأ من تغير في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي إطار الضوابط التي وضعها الميثاق لتنظيمهما، وأهمها ضرورة أن يكون عدد أعضاء كل من المجلسين مساوياً للآخر، وأن يشكل مجلس النواب عن طريق الانتخاب الحر المباشر في حين يشكل مجلس الشورى بالتعيين بأمر ملكي.
ولقد اشترط الفكر الدستوري العالمي لقيام نظام المجلسين أن يشترك المجلسان في التشريع على الأقل من حيث حقهما في اقتراح مشروعات القوانين وإقرارها أو عدم إقرارها، وليس معنى ذلك ضرورة التساوي المطلق بينهما في الرقابة السياسية. ولكن إذا اقتصر اختصاص أحد المجلسين على مجرد إبداء رأي استشاري، فإن الدستور يكون قد أخذ بنظام المجلس النيابي الواحد وإن بدت صورة نظام المجلسين من الناحية الشكلية.
واتفاقاً مع ما انتهى إليه حوار التوافق الوطني اتجهت هذه التعديلات الدستورية إلى تعزيز الدور الرقابي لمجلس النواب بما يؤدي إلى قيام المجلس بهذا الدور منفرداً.
فإذا كان مجلس النواب في ظل الدستور القائم هو الذي يختص بمفرده بالغالبية العظمى من وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية كالاستجواب وسحب الثقة من الوزراء وتشكيل لجان التحقيق، فإن التعديلات الدستورية قد اتجهت إلى انفراد هذا المجلس أيضا بحق تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وحق توجيه الأسئلة إلى الوزراء، وحق مناقشة البرنامج الذي تقدمه الحكومة لمجلس النواب عقب أدائها اليمين الدستورية وإقرار هذا البرنامج أو عدم إقراره، وفي حالة إقراره تكون الحكومة قد حازت على ثقة المجلس، وحق طرح موضوع عام للمناقشة، وهو ما يتفق مع اتجاه بعض الدساتير العالمية التي تأخذ بنظام المجلسين حيث تخص المجلس المنتخب بممارسة وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية.
وإذا كان الدستور قد أعطى لرئيس مجلس الشورى الاختصاص بإحالة مشروعات القوانين التي يتم الموافقة عليها من المجلسين إلى رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ إجراءات إصدارها، كما مُنح أولوية رئاسة اجتماعات المجلس الوطني، فإن التعديلات الدستورية قد منحت رئيس مجلس النواب هذه الاختصاصات وهذه الأولوية باعتبار أن مجلس النواب هو الأكثر تمثيلاً للإرادة الشعبية، وأن ذلك لا يتعارض مع الأخذ بنظام المجلسين الذي نص عليه الميثاق.
وإضافة إلى الشروط التي كان يجب أن تتوافر في أعضاء مجلسي الشورى والنواب، فإن التعديلات الدستورية قد نصت على شرطين جديدين لتمتع المواطنين بهذه العضوية، فتطلبت أن تمضي عشر سنوات على اكتساب من يرغب في الترشح لمجلس النواب أو من يعين في مجلس الشورى للجنسية البحرينية، وأن يكون غير حامل لجنسية دولة أخرى، دون أن يسري شرط عدم ازدواج الجنسية على المواطن الذي يتمتع بجنسية إحدى الدول الأعضاء بمجلس التعاون لدول الخليج العربية بشرط أن تكون جنسيته البحرينية جنسية أصلية.
ولقد نص الميثاق على أن يتم اختيار أعضاء مجلس الشورى عن طريق التعيين، إلا أنه لم يحدد طريقة معينة يلجأ إليها الملك في اختياره لهم. وإذا كان الدستور القائم قد جعل تعيين أعضاء مجلس الشورى من اختصاصات الملك بأمر ملكي، فإن التعديل الدستوري قد نص على أن يصدر الملك أمراً ملكياً سابقاً على أمر التعيين تحدد فيه الإجراءات والضوابط والطريقة التي تحكم عملية اختيار الأعضاء، وهو ما يحقق الشفافية الكاملة عند اختيار أعضاء مجلس الشورى ويضمن تمثيلاً واسعاً لفئات المجتمع في هذا المجلس.
الفرع الثاني
النصوص التي تضمنتها التعديلات الدستورية
في إطار ما انتهت إليه الإرادة الشعبية في حوار التوافق الوطني من مرئيات بشأن التعديلات التي ترى إدخالها على الدستور القائم، فقد اشتملت هذه التعديلات على مسألتين أساسيتين هما: إعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وإعادة تنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب. وتفرعت عن كل من هاتين المسألتين أحكام أخرى تتفق معها وتكمل إعمال المبادئ الواردة بها.
أولاً: النصوص التي تم تعديلها لإعادة تنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية:
تمثلت التعديلات التي أجريت على الدستور لتعزيز دور المجلس الوطني بجناحيه الشورى والنواب في علاقته بالسلطة التنفيذية في المواد (42/ج و46 و52 و65 و67/ب، ج، د و68 و88 و91/الفقرة الأولى و92/أ و109/ب، ج).
مادة (42) البند(ج):
كان نص هذه المادة في الدستور يعطي الملك الحق في حل مجلس النواب بمرسوم يبين فيه أسباب الحل ويمنع حل المجلس لذات الأسباب مرة أخرى. ولقد جاء تعديل هذه المادة ليضيف ضمانات جديدة لما كان موجوداً بها من ضمانات، فبعد أن كان حق الحل مقصوراً على ما يتفق فيه الملك مع رئيس مجلس الوزراء أصبح لا يجوز اللجوء إليه إلا بعد أخذ رأي رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية باعتبارها الحامية لسلامة تطبيق الدستور وعدم الخروج على أحكامه، وهو ما يتفق مع الاتجاهات الدستورية المعاصرة. وإذا كان رأي هذه الجهات غير ملزم للملك، إلا أن تطلّب اللجوء إليه يؤدي إلى أن تكون الصورة أمام الملك كاملة قبل إصداره لمرسوم الحل، ويعد تطبيقاً لما يهدف إليه مبدأ الشورى التي تفرضه الشريعة الإسلامية باعتبارها مصدراً رئيسياً للتشريع وفقا للمادة الثانية من الدستور.
مادة (46) فقرة جديدة، والمادة (88):
إذا كان الملك هو صاحب الاختصاص في اختيار الحكومة وفقا للبند (د) من المادة (33) من الدستور، فإن ذلك مستمداً مما ورد في الميثاق تحت عنوان نظام الحكم من أن "... (الملك) هو الذي يعين رئيس مجلس الوزراء والوزراء، ويعفيهم من مناصبهم". فالميثاق لم يلزم الملك بضرورة تعيين الوزراء وفقا لما تسفر عنه الانتخابات البرلمانية من عدد مقاعد كل تكتل أو كل جمعية سياسية، وإنما ترك له الحرية الكاملة في اختيار من يراه لتشكيل الحكومة بما يحقق المصلحة العامة للمملكة.
إلا أنه اتساقا مع ما استهدفته التعديلات الدستورية من تعزيز لدور السلطة التشريعية، عدلت المادة (46) بإضافة فقرة ثانية إليها تعطي لمجلس النواب الحق في إقرار أو عدم إقرار البرنامج الذي تقدمه الحكومة الجديدة التي يختارها الملك، وذلك بأن يقدم رئيس مجلس الوزراء خلال ثلاثين يوما من أداء الوزارة لليمين الدستورية برنامج وزارته إلى مجلس النواب، بحيث إذا لم يوافق المجلس على هذا البرنامج تقوم الحكومة بإعادة تقديمه إلى المجلس بعد إدخال ما تراه من تعديلات عليه، فإذا أصر المجلس على رفض البرنامج قبل الملك استقالة الوزارة وشكل وزارة جديدة تقوم بعرض برنامجها على المجلس، وإذا لم يوافق المجلس على برنامج هذه الوزارة كان للملك أن يحل المجلس أو يقبل استقالة الوزارة.
ولا يمنع هذا التعديل من أن يقترح مجلس النواب – عند عرض برنامج الوزارة عليه – أن يطلب بعد التشاور مع الحكومة إدخال تعديل على البرنامج قبل التصويت على قبوله أو رفضه، سواء كان ذلك بالنسبة للحكومة الأولى أو الثانية.
وإذا قبل الملك استقالة الوزارة للمرة الثانية ولم يحل المجلس، فلا يسقط ذلك حقه في حل مجلس النواب إذا تكرر رفضه لبرنامج الوزارة لمرات أخرى.
ولقد حرص النص المعدل على تحديد مدد معينة لإصدار مجلس النواب قراره بشأن برنامج الوزارة، بحيث إذا مضت هذه المدد دون أن يتخذ المجلس قرارا صريحا بالموافقة عليه أو عدم الموافقة اعتبر ذلك قبولا له وبذلك تكون الحكومة قد حازت على ثقة المجلس. كما فرق النص بين الأغلبية المطلوبة لرفض برنامج الوزارة في المرة الأولى ورفضها لهذا البرنامج في المرة الثانية أو ما يليها، فتطلب موافقة أغلبية أعضاء المجلس لرفض البرنامج الأول وثلثي أعضائه لرفض البرنامج الثاني بالنسبة لكل وزارة جديدة يتم تشكيلها.
ويقصد بعبارة "وإذا لم يوافق المجلس على برنامج الوزارة الجديدة بذات الإجراءات والمدد السابقة" التي وردت بالنص، أن يتبع بشأن عدم موافقة مجلس النواب على برنامج الحكومة الثانية وما بعدها من حكومات – إذا رأى الملك قبول استقالة الحكومة مرات أخرى – ذات الإجراءات التي اتبعت بشأن الحكومة الأولى، والتي تتمثل في إعادة الحكومة الثانية عرض برنامج الوزارة مرة أخرى على المجلس إذا رفضه للمرة الأولى وذلك قبل اتخاذ الملك قراره بحل مجلس النواب أو قبول استقالة الوزارة، وأن يتم ذلك التزاماً بذات المدد التي حددها النص لاتخاذ المجلس قراره بشأن البرنامج.
وإذا كان نص المادة (42/ج) قد تطلب لحل المجلس صدور مرسوم بعد أخذ رأي رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية، فإن ذلك لا ينطبق على قيام الملك بحل المجلس نتيجة لعدم موافقته على برنامج الوزارة للمرة الثانية. فالملك هنا هو الذي يملك الحل بأمر ملكي وليس بمرسوم، لأن الأمر متعلق بالحكومة التي اختارها الملك، وليس الحل بسبب خلاف نشأ بين حكومة كانت تحظى بإقرار المجلس لبرنامجها ثم اختلفت معه بعد ذلك فيكون الملك حكما بينهما، ولا يتطلب صدور الأمر الملكي بحل المجلس تطبيقا للفقرة الثانية من المادة (46) المضافة أخذ رأي رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية، وإنما يخضع لتقدير شخصي من الملك.
ولقد استتبع إضافة الفقرة الثانية إلى المادة (46) ضرورة تعديل المادة (88)، التي كانت توجب على الوزارة فور تشكيلها أن تقدم برنامجها إلى المجلس الوطني، ويقتصر دور المجلس في هذه الحالة على إبداء ما يراه من ملاحظات بصدده، ولكنها لم تشترط لبقاء الوزارة في الحكم موافقة المجلس على برنامجها. فالفقرة الثانية المضافة قد رتبت آثارا قانونية على تقدم الحكومة الجديدة ببرنامجها لمجلس النواب تتمثل في إمكان إقالة الوزارة إذا لم يوافق المجلس على هذا البرنامج. وبذلك أصبح إعمال المادة (88) متناقضا وغير متسق مع الفقرة الجديدة المضافة إلى المادة (46)، مما يوجب التنسيق بينهما لإمكان إعمال كل منهما في النطاق المحدد له.
ونتيجة لذلك عدلت المادة (88) لتجيز لرئيس مجلس الوزراء إلقاء بيان أمام مجلس النواب أو أمام مجلس الشورى أو إحدى لجانهما عن موضوع داخل في اختصاصه وله أن يفوض أحد الوزراء في ذلك. ومقتضى هذا التعديل أن إلقاء هذا البيان أمر جوازي متروك لإرادة رئيس مجلس الوزراء وحده دون تقيد بصدور تشكيل جديد للحكومة أو بموعد معين أو بمجلس من المجلسين أو لجنة من لجانهما، وأن دور المجلس أو اللجنة التي يلقى أمامها البيان مقصور على مناقشته وإبداء الملاحظات التي ستكون تحت بصر مجلس الوزراء ليأخذ منها ما يراه محققا للصالح العام.
مادة (52):
تطلب الميثاق أن يكون عدد أعضاء مجلس الشورى مساوياً لعدد أعضاء مجلس النواب، وجعل اختيار مجلس النواب بالانتخاب واختيار مجلس الشورى بالتعيين، وجعلت المادة (52) تعيين أعضاء مجلس الشورى بأمر ملكي، واكتفى قانون مجلسي الشورى والنواب باشتراط أن يكونوا ممن تتوافر فيهم الخبرة أو ممن أدوا خدمات جليلة للوطن من بين فئات معينة حددها، مما يعطي للملك الحرية الكاملة في اختيار الأصلح ممن يندرج تحت هذه الفئات دون أي قيود على هذا الاختيار.
ورغبة في تحقيق الشفافية الكاملة عند اختيار أعضاء مجلس الشورى وضمان التمثيل الواسع لأطياف المجتمع في هذا المجلس، عدلت المادة (52) لتنص على ضرورة وضع قواعد عامة تنظم إجراءات وضوابط هذا الاختيار وتحدد الطريقة التي سيتم اللجوء إليها، لتكون أمام الملك قبل أن يصدر أمره بتعيين أعضاء المجلس. وتعتبر هذه القواعد المنظمة التي ستصدر بأمر ملكي ملزمة وواجبة التطبيق عند اختيار أعضاء مجلس الشورى، وهي قابلة للتعديل والتغيير بذات الأداة التي صدرت بها وهي الأمر الملكي، ويسري ما يتم بشأنها من تعديلات بأثر فوري على ما يتم من تعيينات بعد صدورها.
مادة (65):
نص الدستور في المادة (65) على حق أعضاء مجلس النواب في توجيه استجوابات إلى أي من الوزراء عن الأمور الداخلة في اختصاصه، ووضعت هذه المادة شروطا لقبول الاستجواب ومواعيد لمناقشته، وأجازت أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة بالوزير على مجلس النواب. ولقد خلا هذا النص من تحديد الطريقة التي يتم بها مناقشة الاستجواب تاركا ذلك للائحة الداخلية للمجلس كما هو الشأن في سائر الدساتير التي تقرر الاستجواب وسيلة من وسائل الرقابة على السلطة التنفيذية. وإعمالا لذلك نصت اللائحة الداخلية لمجلس النواب على الطريقة التي تتم بها مناقشة الاستجواب وإجراءات هذه المناقشة.
ورغبة في عدم إطالة النص الدستوري بتفصيلات وجزئيات كثيرة فقد تم حذف الشرط الموضوعي الوارد في النص الحالي بشأن عدم تعلق الاستجواب بمصلحة خاصة بالمستجوب أو بأقاربه حتى الدرجة الرابعة أو بأحد موكليه، اكتفاء بالنص عليه إلى جانب شروط أخرى باللائحة الداخلية للمجلس. وبصدد الفقرة الثالثة من النص الحالي فقد تم تعديلها لتنص صراحة على أن تتم مناقشة الاستجواب في المجلس ذاته سواء علانية أو في جلسة سرية وفقاً للإجراءات المقررة لذلك في اللائحة، ما لم يقرر أغلبية أعضائه وليس الحاضرين فقط مناقشة الاستجواب في اللجنة المختصة بموضوع الاستجواب وذلك على سبيل الاستثناء، إضافة إلى شرط عدم جواز إجراء المناقشة إلا بعد ثمانية أيام على الأقل من يوم تقديمه، ما لم يتم طلب تعجيل هذه المناقشة من جانب الوزير المستجوب نفسه وليس مجرد موافقته على طلب أحد أعضاء المجلس ذلك.
مادة (67) البنود (ب، ج، د):
سيراً مع استهداف تحقيق مزيد من التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، عدلت المادة (67) لتعطي دوراً منفرداً لمجلس النواب في تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء، وتقلل من القيود التي كانت تحكم هذا التقرير وتؤدي إلى صعوبة الوصول إليه.
فبعد أن كان يشترط في طلب عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء وفقاً للبند (ب) من هذه المادة موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب على ذلك، أصبح الحق في تقديم الطلب لعشرة من أعضاء المجلس، على أن يكون القرار بالموافقة على عرض هذا الطلب على المجلس لمباشرة إجراءاته لغالبية أعضاء المجلس أي لواحد وعشرين عضواً من أعضاء المجلس، ثم يعرض الطلب على مكتب المجلس الذي عليه أن يدرجه في جدول أعمال المجلس خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ تقديمه للنظر فيه.
وبعد أن كان صدور قرار بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء يتطلب موافقة مجلسي الشورى والنواب في اجتماع للمجلس الوطني بأغلبية ثلثي الأعضاء، فإن هذا القرار أصبح وفقاً للبند (د) المعدل مقصوراً على موافقة مجلس النواب بأغلبية ثلثي أعضائه دون تدخل من مجلس الشورى في هذا الشأن ودون حاجة لانعقاد المجلس الوطني لإصدار قرار بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء.
ويختلف أثر قرار مجلس النواب بعدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء عن قراره بعدم الثقة بأحد الوزراء. فلقد اعتبرت المادة (66) من الدستور الوزير معتزلاً منصبه من تاريخ صدور قرار عدم الثقة به، وتوجب عليه أن يقدم استقالته فوراً استيفاءً للشكل الدستوري، مما مقتضاه أن أي تصرف يصدر من الوزير المذكور بعد صدور قرار عدم الثقة به يعتبر باطلاً وكأن لم يكن، ولا يطبق في هذه الحالة حكم المادة (49) من الدستور القاضي باستمرار الوزير في تصريف العاجل من شئون منصبه إلى حين تعيين خلفه، وهو ما يوجب تعيين وزير آخر بدلا منه أو أن يعهد بوزارته إلى وزير آخر لحين تعيين الوزير الجديد. أما بالنسبة لرئيس مجلس الوزراء الذي يتقرر عدم التعاون معه وفقا للمادة (67) ويقبل الملك استقالة وزارته، فلا يوجد ما يمنع من تطبيق حكم المادة (49) في شأنه بحيث تستمر الحكومة في تصريف العاجل من الأمور إلى حين تشكيل الحكومة الجديدة، حتى لا ينشأ فراغ وزاري.
ولا يطبق بشأن استخدام الملك لحقه في حل مجلس النواب في حالة تقرير عدم إمكان التعاون مع رئيس مجلس الوزراء ما نصت عليه المادة (42/ج) المعدلة من ضرورة أن يصدر الحل بمرسوم بعد أخذ رأي رئيس مجلس الشورى ورئيس مجلس النواب ورئيس المحكمة الدستورية، لأن الملك سيكون في هذه الحالة حكماً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية مما يتطلب أن يتم إصدار قرار الحل بأمر ملكي، وليس بمرسوم يوقع عليه رئيس مجلس الوزراء باعتباره أحد طرفي الخلاف، ومن ثم لا مجال في هذه الحالة لإعمال الضمانات التي نص عليها الدستور في المادة (42/ج) منه لاستخدام الملك حقه في حل مجلس النواب.
مادة (68):
عدلت المادة (68) لتحقق ضمانة جديدة لتفعيل دور الرغبات المكتوبة التي يبديها مجلس النواب للحكومة، ولتقرير حق مجلس النواب في طرح موضوع عام للمناقشة لاستيضاح سياسة الحكومة في شأنه، وتبادل الرأي بصدده.
فلقد كانت المادة (68) تكتفي بأن تبين الحكومة كتابة أسباب التعذر في تنفيذ الرغبات التي يبديها مجلس النواب، ولم تحدد لها مدة معينة تلتزم فيها بإيضاح هذه الأسباب، فجاء تعديل البند (أ) من هذه المادة ليلزم الحكومة بالرد على مجلس النواب خلال ستة أشهر، وهو ما يؤدي إلى أن تدرس الحكومة رغبات المجلس في وقت معقول وأن تتخذ قرارها بشأن إمكان تحقيقها أو تعذر هذا التحقيق، على أن تبين الحكومة الأسباب في حالة تعذر الأخذ بالرغبة. وإذا لم تلتزم الحكومة بالموعد المحدد للرد كان للمجلس أن يلجأ إلى إحدى وسائل الرقابة التي خصه الدستور بها.
كما أن المادة (68) لم تكن تعطي لمجلس النواب حق طرح موضوع عام للمناقشة، فأضيف البند (ب) مقررا هذا الحق للمجلس وفقا للضوابط التي تحددها لائحته الداخلية. وحتى لا يضيع وقت المجلس في مناقشات لا تعود بالنفع على المجتمع، قرر هذا البند ضرورة عرض طلب المناقشة على المجلس مجتمعا ليقرر مدى صلاحية الموضوع المطروح للمناقشة. إما بطرح الموضوع للمناقشة، أو باستبعاده من جدول الأعمال، أو بإحالة الطلب إلى اللجنة المختصة لتقديم تقرير عنه قبل أخذ الرأي عليه، وكل ذلك وفقاً للإجراءات التي ستنص عليها اللائحة الداخلية للمجلس وخاصة تحديد عدد من يشترك في المناقشة.
مادة (91) الفقرة الأولى:
إذا كان الدستور القائم قد منح الحق لكل عضو من أعضاء مجلسي الشورى والنواب في توجيه أسئلة إلى الوزراء، فإنه لا يوجد في الميثاق ما يمنع من أن يتضمن الدستور تعديلا يقضي بقصر توجيه الأسئلة للوزراء على أعضاء مجلس النواب دون أعضاء مجلس الشورى، لذلك عدلت الفقرة الأولى من المادة (91) لتعطي لأعضاء مجلس النواب دون غيرهم حق توجيه الأسئلة إلى الوزراء.
ومن المسلم به أن السؤال لا يجاوز معنى الاستفهام إلى معنى التجريح أو النقد وإلا أصبح استجوابا مما نصت عليه المادة (65) من الدستور، مما يوجب تطبيق شروط هذه المادة.
مادة (92) البند (أ):
نص الدستور في المادة (92 بند أ) على أن اقتراحات تعديل الدستور المقدمة من مجلس الشورى أو مجلس النواب ومشروعات القوانين التي يقترحها أعضاء أي منهما تحال إلى الحكومة لصياغتها وإحالتها لمجلس النواب خلال الدورة البرلمانية ذاتها أو في الدورة التي تليها. ولا يوجد في الميثاق مبادئ تحكم هذا الموضوع أو تضع ضوابط له، ولذلك عدلت هذه المادة لتكون مدة وضع هذه الاقتراحات في صيغة مشروع تعديل للدستور أو مشروع قانون خلال ستة أشهر على الأكثر من تاريخ إحالته سواء بالنسبة للقوانين أو بالنسبة لتعديل الدستور.
ولا يخل هذا النص المعدل بحق الحكومة في إرفاق ما تراه من ملاحظات على مشروع تعديل الدستور أو مشروع القانون المحال إليها من أحد المجلسين، لتكون هذه الملاحظات تحت بصر المجلسين عند مناقشتها للمشروع ليأخذا بها إذا وجدا محلا لذلك.
وتعتبر المواعيد التي حددتها هذه المادة مواعيد تنظيمية لا يؤثر عدم الالتزام بها على شرعية التعديلات الدستورية أو القوانين التي تصدر.
مادة (109) البندان (ب، ج):
نظراً لما تتميز به الميزانية من طبيعة خاصة، وما يصاحبها من دقة وتعقيدات في إعدادها في إطار التقدم التكنولوجي والمعرفي الذي يشهده الوقت الحاضر، وسيرا مع الاتجاهات الدستورية المعاصرة، نص الدستور في المادة (109) على القواعد التي تحكم إعدادها وإجراءات إصدارها. ولقد ظهر خلال السنوات العشر الأخيرة أن بعض ما ورد في هذه المادة يحتاج إلى تعديل يؤدي إلى تمكين المجلسين من مناقشة الميزانية بطريقة جدية وفعالة تسمح لكل منهما بالاشتراك الفعلي والحقيقي فيها، وفي ذات الوقت تمكن من العمل بالميزانية الجديدة في موعدها دون حاجة إلى تطبيق البند (هـ) من هذه المادة الذي يقضي باستمرار العمل بالميزانية السابقة إلى حين صدور قانون الميزانية الجديدة. كما يمنع التعديل إصدار الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين.
وتحقيقاً لهذه الأهداف تم تعديل البندين (ب، ج) من المادة (109)، وتضمن تعديل البند (ب) تقديم الحكومة مشروع الميزانية إلى مجلسي الشورى والنواب في ذات الوقت قبل انتهاء السنة المالية بشهرين على الأقل، بعد أن كانت تقدم هذا المشروع إلى مجلس النواب لمناقشته وإحالته إلى مجلس الشورى بعد الانتهاء منه للنظر فيه، مما كان يقلل من دور مجلس الشورى في المناقشة الجادة للمشروع لقصر المدة بين إحالته إليه وبين التاريخ المحدد لبدء السنة المالية.
كما عدل هذا البند ليواجه ما تتميز به الميزانيات المعاصرة من دقة وتعقيدات تحتاج إلى تعاون وجهد من المجلسين في مناقشتها في إطار الإيضاحات التي تضعها الحكومة أمام بصرهما. ولذلك تطلب هذا البند عرض مشروع الميزانية بعد تقديمه من الحكومة على اللجنتين المختصتين بالشئون المالية في كل من المجلسين في اجتماع مشترك لمناقشته مع الحكومة، وهو ما يعطي فرصة أكبر لإثراء المناقشة والوصول إلى حلول أفضل لما يثار بشأن الميزانية من ملاحظات، ويختصر الوقت الذي تأخذه هذه المناقشة، ويمنع تكرار ما يبدى من ملاحظات في كل من اللجنتين لو اجتمعت كل منهما بعيدا عن الأخرى. ورغبة في استقلال كل لجنة بوجهة نظرها بعد سماع كافة آراء أعضاء اللجنتين، لم يتطلب النص صدور قرار مشترك منهما بالموافقة أو عدم الموافقة على مشروع الميزانية المعروض عليهما، وأتاح لكل من اللجنتين أن تتقدم بتقرير مستقل يوضح رأيها إلى المجلس الذي تتبعه، على أن يناقش مجلس النواب المشروع أولاً، وبعد إصدار المجلس قراره في هذا الشأن يحيله إلى مجلس الشورى – الذي يكون على علم مسبق بما دار في الاجتماع المشترك للجنتين – للنظر فيه وفق أحكام الدستور التي تنظم إجراءات نظر مشروعات القوانين. ولقد أبقى النص المعدل على مبدأ إجازة إدخال أي تعديل على مشروع الميزانية بالاتفاق مع الحكومة.
أما البند (ج) من هذه المادة فقد قضى على كل ما كان يثار من تخوف من أن تقوم الحكومة بإعداد الميزانية لأكثر من سنتين ماليتين – وهو ما كان يسمح به النص قبل التعديل – فاستخدم عبارة "ويجوز إعداد الميزانية لسنتين ماليتين على الأكثر " بدلاً من عبارة" ويجوز إعداد الميزانية لأكثر من سنة مالية".
ثانياً: النصوص التي تم تعديلها لإعادة تنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب:
تمثلت التعديلات التي أجريت على الدستور لإعادة تنظيم كل من مجلسي الشورى والنواب في منح دور أكبر لمجلس النواب في الرقابة، وتحقيق الاختيار الأفضل لأعضاء كل من مجلسي الشورى والنواب، في المواد (53، 57/أ، 59، 83، 85، 86، 102، 103، 115، 120/أ).
المادتان (53، 57/أ):
نصت المادتان (53، 57) على الشروط التي يجب توافرها في أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وورد في المذكرة التفسيرية فيما يتعلق بالمادة (57/أ) أن هذه المادة قد سمحت لكل بحريني بالترشيح لعضوية مجلس النواب، وكان النص بذلك يسمح لمن اكتسب الجنسية البحرينية بممارسة حق الترشيح لعضوية مجلس النواب بمجرد تجنسه. كما أن نص المادة (53) لم يرد فيه شرط الجنسية المكتسبة فيمن يعين في مجلس الشورى، وأوضحت المذكرة التفسيرية مفهوم هذه المادة بأنها تضمنت النص على شروط خاصة بعضو مجلس الشورى بالإضافة إلى الشروط العامة التي يجب أن تتوافر في كل من أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وهو ما يفهم منه أنه يجوز تعيين أي مواطن يتمتع بجنسية البحرين سواء كان اكتسابه لهذه الجنسية بصفة أصلية أو عن طريق التجنس.
ولقد تم تعديل هاتين المادتين بما يؤدي إلى التفرقة بين المواطن الذي يتمتع بالجنسية الأصلية والمواطن الذي اكتسب الجنسية بالتجنس وفقا لما يقرره قانون الجنسية من شروط لكل منهما، واشترطت كل من المادتين لعضوية مجلس الشورى وعضوية مجلس النواب أن يكون قد مضى على اكتساب العضو الجنسية البحرينية عشر سنوات.
ويلاحظ أن هذه التفرقة التي تضمنتها المادتان (53، 57/أ) بعد تعديلهما، أمر وارد في الدساتير عامة في شأن مباشرة الحقوق السياسية، ولا يخل بما تقرره مبادئ حقوق الإنسان. فلقد جرت أغلبية الدساتير على تحديد فترة معينة لا يجوز لمن اكتسب الجنسية البحرينية أن يمارس فيها حق تمثيل الشعب في المجالس النيابية، واعتبرتها فترة تمرين على الولاء للجنسية الجديدة، كما أنها تحقق ضمانات للدولة أثبتت التجارب العالمية ضرورتها.
أما شروط الناخب فلم تتعرض لها هاتان المادتان أو غيرهما من مواد الدستور، وإنما يتولى بيانها قانون مباشرة الحقوق السياسية، وبذلك يجوز لهذا القانون أن يسمح لمن اكتسب الجنسية البحرينية بممارسة حق الانتخاب دون قيد زمني، باعتباره أقل خطورة من حق الترشيح وعضوية المجالس النيابية.
وتحقيقاً لذات الأهداف التي دعت إلى التفرقة بين المواطن بصفة أصلية والمواطن الذي اكتسب الجنسية البحرينية فيما يتصل بالترشيح لمجلس النواب أو عضوية مجلس الشورى، فإن المادتين (53،57/أ) أضافتا شرطاً آخر جديداً إلى الشروط التي كانت موجودة فيما سبق، وهو ألا يكون العضو حاملاً لجنسية أخرى إلى جوار الجنسية البحرينية، سواء كان قد حصل على إذن من السلطات المختصة بالجمع بين الجنسيتين أو لم يحصل على هذا الإذن، وذلك لأن الجمع بين جنسيتين يشتت ولاء الشخص بينهما ويشكك في هذا الولاء.
ومقتضى هذا التعديل أنه يجب على كل من يرغب في التمتع بعضوية أحد المجلسين أن يتنازل عن الجنسية الأخرى التي يحملها، وذلك قبل التقدم للترشيح لمجلس النواب أو التعيين في مجلس الشورى.
ولا يسري شرط عدم ازدواج الجنسية على الشخص الذي يحمل الجنسية البحرينية الأصلية ثم اكتسب جنسية إحدى الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لانتفاء الحكمة من تقريره في هذه الحالة، وذلك إيماناً بوحدة الهدف والمصير والمصلحة المشتركة لشعوب دول مجلس التعاون.
مادة (59):
تنص هذه المادة على أنه في حالة خلو محل أحد أعضاء مجلس النواب قبل نهاية مدته، ينتخب بدله خلال شهرين من تاريخ إعلان المجلس هذا الخلو، إلا إذا وقع الخلو خلال الأشهر الستة السابقة على انتهاء الفصل التشريعي للمجلس فلا يجرى انتخاب عضو بديل.
ولمواجهة احتمال أن يتحقق الخلو باستقالة أحد الأعضاء، ثم عودته لترشيح نفسه مرة أخرى في ذات الفصل التشريعي، فقد تقرر النص صراحة على عدم جواز ترشيح نفسه في هذا الفصل أسوة بنص الفقرة (د) من المادة (57) من الدستور، والتي لا تجيز لمن أسقطت عضويته بسبب فقد الثقة والاعتبار أو الإخلال بواجبات العضوية، أن يرشح نفسه خلال الفصل التشريعي مالم يقرر المجلس خلاف ذلك، ومع مراعاة أن الاستقالة تعد تعبيراً عن إرادة النائب المستقيل، على خلاف حالة إسقاط العضوية التي يعد فيها القرار تعبيراً عن إرادة المجلس، فإنه لا يجوز للمجلس أن يتدخل بتعديل إرادة النائب المستقيل على نحو ما هو منصوص عليه في حالة إسقاط العضوية.
المواد (83 و85 و86 و102):
عدلت هذه المواد لإعطاء الأولوية لرئيس مجلس النواب في إحالة مشروعات القوانين التي تمت الموافقة عليها من المجلسين إلى الحكومة لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإصدارها، وإعطاء الأولوية لرئيس مجلس النواب في رئاسة المجلس الوطني. وذلك بالإضافة إلى المواد الأخرى المعدلة السابق الإشارة إليها، والتي جعلت اللجوء إلى أساليب الرقابة السياسية على أعمال السلطة التنفيذية من اختصاص مجلس النواب منفرداً (المواد 46 و67 البنود ب، ج، د و68/ب و91 الفقرة الأولى).
فنصت المادتان (83، 86) على أن يحيل رئيس مجلس النواب مشروع القانون الذي تمت الموافقة عليه من المجلسين إلى رئيس مجلس الوزراء لرفعه إلى الملك لإصداره، بعد أن كانت الإحالة قبل تعديل هاتين المادتين من سلطة رئيس مجلس الشورى، على أن يتم ذلك خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين على الأكثر. ونصت المادة (85) المعدلة على أنه إذا اختلف المجلسان حول مشروع قانون مرتين، يجتمع المجلس الوطني بحكم الدستور برئاسة رئيس مجلس النواب، بعد أن كان النص قبل التعديل يجعل الرئاسة لرئيس مجلس الشورى، ويتم الاجتماع في ذات دور الانعقاد الذي وقع فيه الخلاف.
وكذلك نصت المادة (102) على أن يتولى رئيس مجلس النواب رئاسة اجتماع المجلس الوطني وعند غيابه يتولى ذلك رئيس مجلس الشورى ثم النائب الأول لرئيس مجلس النواب ثم النائب الأول لرئيس مجلس الشورى. وغيرت بذلك هذه المادة تحديد من يتولى رئاسة اجتماعات المجلس الوطني عند انعقاده، ومن يحل محله عند غيابه وفقاً للترتيب الوارد في النص.
مادة (103):
اختلفت وجهات النظر حول تفسير المادة (103) من الدستور فيما يتعلق بنصاب اجتماع المجلس الوطني، حيث كانت تنص هذه المادة على أنه "لا تعتبر جلسات المجلس الوطني قانونية إلا بحضور أغلبية أعضاء كل من المجلسين على حدة"، مما أدى إلى أن يتطلب البعض حضور هذه الأغلبية وإلا اعتبر اجتماع المجلس غير صحيح، في حين ذهب رأي آخر إلى القياس على المادة (80) من الدستور التي تحدد نصاب اجتماع كل من مجلس الشورى ومجلس النواب؛ إذ تنص على أنه " يشترط لصحة اجتماع كل من مجلس الشورى ومجلس النواب حضور أكثر من نصف أعضائه... وإذا لم يكتمل نصاب انعقاد المجلس مرتين متتاليتين اعتبر اجتماع المجلس صحيحا على ألا يقل عدد الحاضرين عن ربع أعضاء المجلس".
ولقد أخذت المادة (103) المعدلة بوجهة النظر التي أعملت القياس على المادة (80)، وقررت أنه" وإذا لم يكتمل نصاب انعقاد المجلس مرتين متتاليتين اعتبر اجتماع المجلس صحيحا على ألا يقل عدد الحاضرين من كل مجلس عن ربع أعضائه".
مادة (115):
اتساقاً مع ما قررته المادة (109 البندان ب، ج) من إحالة مشروع الميزانية إلى لجنة مشتركة من اللجنتين المختصتين بالشئون المالية في كل من المجلسين لدراسته قبل عرضه على كل مجلس، عدلت المادة (115) بما يوجب على الحكومة أن تقدم بياناً إلى مجلسي الشورى والنواب عن الحالة المالية والاقتصادية للدولة، وعن التدابير المتخذة لتنفيذ اعتمادات الميزانية المعمول بها، وما لذلك من آثار على مشروع الميزانية الجديدة. وكانت هذه المادة قبل تعديلها تجعل تقديم هذا البيان إلى مجلس النواب فقط. ولقد جاء التعديل على هذا النحو ليكون هذا البيان تحت بصر اللجنة المشتركة من لجنتي مجلسي الشورى والنواب عند بحثهما لمشروع الميزانية الجديدة، وهو ما يساعد كل من اللجنتين على تقديم تقريرها إلى المجلس الذي تتبعه كل لجنة بصورة مكتملة.
مادة (120):
كانت هذه المادة تنص في البند (أ) على أنه "يشترط لتعديل أي حكم من أحكام الدستور أن تتم الموافقة على التعديل بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم كل من مجلسي الشورى والنواب". وعلى الرغم من عدم تطلب المادة العرض على المجلس الوطني عند الخلاف بين المجلسين، فإنه قد أثير التساؤل عن مدى ضرورة عرض التعديلات الدستورية على مجلس الشورى أو المجلس الوطني إذا لم يوافق عليها مجلس النواب، وجاء تعديل هذه المادة ليضع حكماً واضحاً في هذا الشأن.
ولما كانت المادة (120) قد تطلبت موافقة كل من مجلسي الشورى والنواب على تعديل الدستور، فإن مقتضى ذلك أن عدم موافقة أحدهما تعني عدم إمكان تعديله. ولذلك عدلت هذه المادة بما يؤدي إلى تحقيق غرض التعديل بأن يجتمع المجلس الوطني في هذه الحالة بحكم الدستور وفي ذات دور الانعقاد الذي وقع فيه الخلاف، وذلك بحضور ثلثي أعضائه دون تحديد أية نسبة لأي من المجلسين، على أن يتم إقرار مشروع التعديل بموافقة ثلثي أعضاء المجلس الوطني كذلك.
وتعتبر الإيضاحات التي نصت عليها هذه المذكرة التفسيرية المرجع في تفسير النصوص المعدّلة وما ورد بها من أحكام وتأخذ ذات الصفة الإلزامية للدستور.
وتطبيقاً لما نصت عليه المادة (125) من الدستور، تنشر هذه التعديلات ومذكرتها التفسيرية في الجريدة الرسمية، ويعمل بها من تاريخ نشرها.